رقم الدرس : 2/3
رقم الشريط : 12/702
الموضوع : موضوعات إسلاميّة : أخطاء تقع بها أكثر النساء
التاريخ :09/04/2000
المفرِّغ : عماد علان
التدقيق اللغوي : الأستاذ غازي القدسي
التدقيق النهائي : المهندس غسان السراقبي .
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيّدنا محمد الصادق الواعد الأمين ، اللهمّ لا علم لنا إلا ما علَّمتنا إنَّك أنت العليم الحكيم ، اللهمّ علِّمنا ما ينفعنا ، وانْفعنا بما علَّمتنا ، وزِدنا علمًا ، وأرِنا الحقّ حقًا وارزقنا اتِّباعه ، وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجْتِنابه، واجْعلنا مِمَّن يستمعون القَوْل فيتَّبِعون أحْسَنَهُ ، وأدْخِلنا بِرَحمتِكَ في عبادك الصالحين .
بسم الله الرحمن الرحيم
أيها الإخوة الكرام :
بدأنا في الدرس الماضي في موضوع بعض المخالفات التي يرتكبها النساء والمتعلّقة بشُؤون حياتهنّ ، وقد بيّنتُ لكم في الدرس الماضي أنّ للمرأة دورًا خطيرًا في الأسرة ، ذلك إذا كانتْ تعرف ربّها ومنهجه ، انعكَسَتْ معرفتها والتِزامها على أسرتها ، واعلموا أنت تربية الأولاد من أخطر ما يترتّب على المسلمين ؛ لأنّ قوة الأمّة بهذه الأجيال الصاعدة، فإذا فسدَتْ هلكَتْ الأمّة ، وكلّ ما من شأنه تقوية هذه الأجيال الصاعدة هو ذُخْرٌ للأمّة ومستقبلها ، والأمَل معقود على المرأة، الزوجة ، الأمّ ، فالأمّ مدرسةٌ إذا أعددْتها أعددت شعبا طيّب الأعراق ، والله أيّها الإخوة ولا أُبالغ ، إنّ هناك من النساء المؤمنات الصادقات الملتزمات ، قلامةُ ظفر إحداهنّ تعدل عند الله مئة ألف رجل ، هذا إن كانت هذه المرأة تعرف ربّها ، وتؤدّي حقّها تّجاه زوجها ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لها بعد أن سألته :
انصرفي أيتها المرأة وأعلمي من خلفك من النساء أن حسن تبعل إحداكن لزوجها، وطلبها مرضاته، واتباعها موافقته ، يعدل ذلك كله ـ يعني الجهاد في سبيل الله ـ فأدبرت المرأة وهي تهلل وتكبر استبشارا .
[ رواه البيهقي ]
والله الذي لا إله إلا هو ، لو أنّ امرأةً قالت : أنا أحملُ دكتوراه من أرقى جامعات العالم، وأحمل البورد من أمريكا ، وأكريجي من فرنسا، و أل frs من إنجلترا ، وكانتْ مهملةً لزوجها وأولادها ، فليس لها عند الله شأن لأنّها لمْ تعبد الله فيما أقامها ، أقامها أُمًّا وزوجةً ، عبادتها الأولى أن تعتني بزوجها وأولادها ، بل إنّ أعلى شهادةٍ تحملها المرأة أولادها ، إذا دفعَتْ للمجتمع أولادًا عقيدتهم سليمة ، وأخلاقهم رصينة ، و عاداتهم طيّبة ، و في قلوبهم شفقةٌ ورحمة ، فهذا أعظم عملٍ تفعله المرأة أن تقدّم للمجتمع عناصر طيّبة ، ولعلّ أحدكم يتعامل في حياته اليوميّة مع أناسٍ في قلوبهم رحمة ، فهذا من أثر تربية أمّهاتهم ، وفي قلوبهم عطْف ، وعندهم إنصاف ، و أثر تربية الأمّ لا حدود له ، ولكن ما قولك في طفلٍ وُجد في الحديقة لقيطاً ، هذا الطّفل اللّقيط بماذا يشعر ؟ بكراهية للمجتمع، وفي قلبه قَسْوةٌ لا حدود لها ناقمٌ على المجتمع ، ما قولك بمجتمعٍ أربعون بالمئة من أولاده لقَطاء ؟ في بعض بلاد الغرب، أربعون بالمئة من عدد الأطفال لقطاء ، هؤلاء حينما يكبرون يتسـلّمون مناصب ، قلوبهم خالية من الرحمة لأنّهم لمْ يَسْتقوها من أُمّهاتهم ، فالرحمة أيها الإخوة يستقّيها الطّفل الرضيع مع حليب أمّه ، أنا لا أقول أسرة غنية ، ولكن أُسرة متماسكة ، فقد تسكن في غرفة ، وقد يأكلون أخشن الطعام ، ولكنها أُسرة متماسكة وفيما بين أفرادها حبّ ، و الزوج وفيّ ، والزوجة مخلصة ، والأولاد نشؤوا على محبّة والديهم ، بينهم وُدّ وإخلاص ، فأوّل ثمرة يقطفها الزوج من وفاقه مع زوجته ، وأوّل ثمرة تقطفها الزوجة من وفاقها مع زوجها أولاد أصحّاء نفسيًّا .
إخواننا المعلّمون حينما يرَوْن طفلاً شاذًّا ، لو تتبّعوا حياته الخاصّة لوجدوا أنّ أمه مُطلّقة مثلاً، أو بين أمّه وأبيه خلافات لا تنتهي ، فلذلك تماسك الأسرة أساس في سلامة صحة أولادهم النفسية قد تسكن أُسرة في بيت متواضع جدًّا ، وقد يكون دخلها قليل جدًّا ، ومع ذلك فهذه الأسرة متماسكة ، وهناك حبّ ، و كلام السيّد المسيح رائع : ليس بالخبز وحده يحيى الإنسان، السعادة لا تأتي من بيت ولا من دخْل ، ولا من جمال ، ولا من مكانة، ولكنّها تأتي من اتّصال بالله عز وجل، ونحن عندنا قانون يغفل عنه الناس ، ذلك أنّ آيات القرآن الكريم لها معنى سياقي ، ومعنى سباقي ، ومعنى لِحاق ، أما لو نزعْتَ هذه الآية من مكانها لكان لها معنًى مستقلّ ، فهي وحدها منهج ، في سورة الطلاق مثلاً قوله تعالى:
[ سورة الطلاق ]
فمعناها السياقي من يتّقِ الله في تطليق زوجته وفق السنّة طلّقها طلقةً واحدة ، في طُهرٍ ما مسّها فيه ، يجعل الله له مخرجًا إلى إرجاعها ، لو أنّه أخطأ بإمكانه أن يسترجعها بكلمة، حتى لو مضَت عِدّتها ولم يسترجعها بإمكانه أن يُرجعها بِعَقدٍ جديد ، أما حينما يطلّق امرأته تطليقًا بدْعِيًّا ثلاث طلقات دفعة واحدة ، و لم يتّق الله في تطليق زوجته ، فلمّا لم يتّق الله في تطليق زوجته لم يجعل الله له مخرجًا إلى إرجاعها ، هذا المعنى السياقي .
أما لو نزعْتَ الآية من مكانها ، الآية تصبحُ منهجاً ، فمن يتّق الله في كسب ماله يجعل الله له مخرجًا من إتلاف المال ، ومن يتّق الله في تربية أولاده يجعل الله له مخرجًا من عقوق الأولاد، من يتق الله في اختيار زوجته يجعل الله له مخرجًا من الشّقاء الزوجي ، من يتق الله في بر الوالدين يجعل الله له مخرجًا من عقوق الأولاد ، فهذه الآية يُكتب عليها مجلّدات ، في سياقها لها معنى ، وحينما تنزع من سياقها لها معنى آخر .
وقوله تعالى :
[ سورة المائدة ]
هذا الحديث عن أهل الكتاب ، أي لم يُطيعوا الله عز وجل ، كأنّ هذه الآية تُشير إلى قانون العداوة والبغضاء ، متى نتعادى ؟ و متى يبغض بعضنا بعضًا ؟ متى تنشبُ الخلافات فيما بيـننا ؟ متى نصبح ممزّقين ؟ حينما نخالف جميعًا منهج الله تعالى ، هذا قانون ، وهذا على مستوى زوجين وأخوين ، وعلى مستوي شريكين ، وعلى مستوى جارين ، حينما يقصّر أحدهما في طاعة الله ينشأ بينهما عداوةٌ وبغضاء لا حدود لها ، إذا نظرْت إلى مجتمعٍ شاردٍ عن الله عز وجل ، شيءٌ عجيب ، في الأسرة الواحدة خلافات ، في المدينة الواحدة ، في البلد الواحد ، وفي القرية ، الناس ممزّقون ، قال تعالى :
[ سورة الأنفال ]
إذًا أيها الإخوة الكرام:
المرأة حينما تصلحُ تصْلُح كلّ أسرتها ، وأنا من خلال دعوتي المتواضعة إلى الله تعالى عندي عشرات الإخوة الأكارم ، بل مئات ، سببُ هدايتهم زوجاتُهم ، فمن آيات الله الدالة على عظمته هذه الزوجة، قال تعالى :
[سورة فصلت ]
[سورة الشورى]
[ سورة الروم ]
المشكلة أنّ المرأة في عهد النبي عليه الصلاة والسلام كانت في مستوى زوجها ، زوجٌ يريد أن يخرج إلى عمله ، تستوقفهُ زوجته وتقول : يا فلان اتّق الله فينا ، نصبرُ على الجوع، ولا نصبر على الحرام ، نحن بك إن اسْتَقَمْتَ اسْتقَمْنا ، وإن اعْوَجَجْتَ اعْوَجَجْنا ، لسان حال المرأة المعاصرة تضغط على زوجها ، غيّر الطّقم ، وسِّعْ البيت ، واشتر لنا كذا وكذا ، فالضّغط اليومي لا يُحتمل فإذا بالزوج دون أن يشعر يتجرّأ على أخذ المال الحرام ، و يمدّ يده إلى الحرام ، ضغطَتْ عليه حتى أوقعته في الحرام ، لذلك حينما قال الله عز وجل :
[ سورة التغابن ]
قال بعض العلماء : هذه عداوَة مآل ، وليسَت عداوَة حال ، هو يحبّها وتحبّه ولكن حينما يتردى في النار يوم القيامة يرى أنّ سبب تردّيه في النار زوجته ، عندئذ يراها عدوّةً له ، عداوة مآل ، هي زوجته وهو يحبّها ، ولكن حينما ضغطَتْ عليه حتى حملتْهُ على معصيَة رأى أن سبب هلاكه زوجته .
فيا أيها الإخوة :
قضيّة تعليم المرأة وتفقيهها ، وحثّها على طلب العلم ، ومعرفة الله عز وجل شيء أساسيّ جدًّا في حياة المسلمين ، مرَّةً قلتُ لشاب على وشك الزواج ، و قد قال لي : انْصحني ؟ فقلتُ له والله النصيحة ثمنها غالٍ جدًّا ، وتحتاج إلى جهد كبير ، قال نعطيك ، فقلتُ له : لن تسْعَدَ بِزَوجتك - تفاجأ ! - إلا إذا عرّفتها بالله تعالى ، وعرّفتها بمنهج الله، وعرّفتها بحقّ الزوج ، وسعدتْ بمعرفة الله تعالى ، واتّصلَت به ، وذاقَتْ طعم القرب منه، عندئذٍ تُسعدك ، تُسعدك إذا سعِدَتْ بالله تعالى، أما إن لم تسعد بالله أنّى لها أن تسعدك ، بل تُشقيك ، العوام يقول في قضيّة "النَّأْ" ـ يعني المناقرة بين الزوجين ـ ! كلّ يوم ، وكلّ يوم، شيءٌ لا يُحتمل ، فمرّةً اتّفق أحدهم مع زوجته ، وقال لها : يوم نعم ويوم لا ، أريحيني يومًا فقط ، فوافقَتْ ، فأصبحَت تقول له في اليوم الذي ما فيه : غدًا "النَّأ" !!
بيوت المسلمين حينما تقوم على هذا الضّغط تغدو قطعة شقاء ، صدّقوني أيّها الإخوة ولا أبالغ، مرّةً دخلتُ بيتًا في سفح جبل قاسيون، والبيت متواضع جدًّا ، و أرضه ليست مبلطة ، الأثاث بساط فقط ، لا أعرف بماذا شعرتُ ؟ شعرتُ أنّ هذا البيت قطعة من الجنّة، يبدو أنّ هناك وفاق ووُدّ ، ونظافة ، ومحبّة ، فبيتٌ صغير مع المحبّة يصبح جنّة ، أنا أدعوكم إلى العناية بِبُيوتكم ، لأنّ الرجل يعاني متاعب خارج البيت ، والبيت سكَن له ، فإذا وجد ضغطًا بالعمل ، ومشاكل لِكَسب المال ، وعليه دفع ، ولا يوجد قبض ، وعليه ديون ، هذه كلّها هموم، المفروض أن يأتي الإنسان إلى بيته لِيَستريح ، حدّثني طبيب عيون، وما كنتُ أعرف هذه الحقيقة ، وهو أنّ الأصبغة التي في شبكيّة العين، تُستهلك في النهار ، لأنّ أساس العين أن تقوم بنقل الصورة ، تماماً. كنقل الصورة عبر الفضاء ، آلة التصوير في الأستديو عبارة عن عدسة أمامها شخص ، هذا الشخص عليه إضاءة شديدة جدًّا ، صار هذا الشّخص عاكس للضّوء فالمصباح منبع للضّوء ، أما نحن الآن فنعكس الضّوء ، نرى بعضنا بعضًا بالضّوء المنعكس على وُجوهنا ، هذا الإنسان الذي يقف أمام آلة التصوير المعدّة لنقل الصورة عبر الفضاء ، ماذا يحصل معه ؟ ملامح هذا الوجه الذي يعكس ضوء المصابيح يدخل إلى العدسة، ومن العدسة إلى لوحة مَطليّة بمادّة نادرة جدًّا ، هذه المادّة إذا جاءها أثر ضوئي أطلقَت إلكترون ، وكلّما كان الأثر شديدًا ، كان الإطلاق كثيفًا ، فيتشكّل وجه الرّجل على هذه اللّوحة بحسب الإضاءة ، قالوا هناك مدفع إلكتروني يمشي على خطوط يمسحُ هذه الخطوط ، ويرّمم هذه اللّوحة ، لما رمَّمَها أصبح هذا التيار الذي رمّم هذه اللّوحة التي فقدَت بعض إلكتروناتها من خلال أثر الصورة الضوئي ، فهذا التيار المتفاوت الشدّة هو الصورة ، تُبثّ عبر الفضاء ، وتلتقطها أجهزةٌ معاكسةٌ لآلة التصوير ، فترى أنت هذا المذيع مثلاً على الشاشة بآلة معاكسة ، هذه العمليّة معقّدة جدًّا ، وأنا بسَّطتها جدًّا ، لكنّ العين أعقدُ من ذلك ، هناك مئة وثلاثون مليون مخروط وعصيّة ،